'''الغش''' من مظاهر الانحراف في المؤسسات التعليمية

باسم الله الرحمن الرحيم

يعتبر الغش من أبرز مظاهر الفساد الذي انتشر في حياتنا العامة خصوصا في الحياة السياسية والادارية وقد تعمق الغش في شريان المؤسسات والوحدات الانتاجية والصناعية والاجتماعية والثقافية وغيرها مما تفرع عنه حتما انحرافات اخرى انتشرت داخل المجتمع كالمحسوبية والرشوة والتزوير .

ومن المؤسف ان هذا الغش انتقل الى المؤسسات التعليمية. وهناك أكثر من دافع جعل هذا الغش ظاهرة بنيوية, بقدر ما تزداد تجدرا بقدر ما تزداد تعقيدا وتطويرا لآليات ممارستها, والتفنن في خلق طرق جديدة للغش في الامتحانات خصوصا بعد التقدم الذي عرفه مجال النسخ والطباعة. فالتنشئة الاجتماعية الموبوءة بما يعتريها من تسلط وفقر وأمية وانحلال خلقي والممارسة السطحية للشعائر الدينية لا يمكنها الا ان تعطينا طفلا متشبعا بالغش. بحيث نجد الآباء غالبا ما يطالبون أبناءهم بالتفوق الدراسي دون تتبعهم ومراقبتهم .و الاخطر في الأمر ان الغش قد توغل في مؤسساتنا لدرجة ان هناك من اصبح يدافع عن شرعيته ويسعى لاقراره.

ويجب الاعتراف كذلك ان مسؤؤلية ممارسة الغش في عقر المؤسسات تقع على عاتق الفاعلين الرسميين (المدير. المفتش. الحراس. المدرس. جمعية الآباء) بحيث يبدون كثيرا من التساهل والتسامح قد يصل الى التجاهل ويتعدى هذا الامر الى توفير الشروط اللازمة لممارستها في هدوء واطمئنان.

فمن اللازم عدم الاستسلام لظاهرة الغش. ويجب العمل على ازالة مظاهر الاعاقة والخلل التي اصبحت تطبع منظومتنا التربوية وكذا تفعيل الجانب التشريعي داخل المؤسسات التعليمية. ويمكن ايجاز محاربة الغش في نقطتين.

أ. سياسيا. وذلك باشراك التنظيمات الحزبية والنقابية والاطارات الجمعوية والاعلام في محاربة الغش وكذا تفعيل المجال التشريعي للقضاء على الظاهرة ولو جزئيا.

ب. تعليميا.وذلك باعطاء الأولوية للجانب التكويني والمعرفي للمتعلم, والسهر على تطبيق منطوق التشريعات التنظيمية الرادعة بعيدا عن التسامح حتى يعاد ترتيب العلائق داخل المؤسسات التعليمية التي اصبحت قاصرة عن اداء مهمتها المتمثلة في تكوين وتربية ناشئة متشبعة بالروح المعرفية, التي تتسلح بالشعور بالمسؤولية داخل المجتمع والمساهمة في بنائه وتنميته على اساس الاحتكاك بالعلم والمعرفة والعمل والانتاج الجاد لمواجهة ما يزخر به العالم من تحولات وتحديات لن يقاومها ويتجاوب معها المتعلم الذي طبع الغش مسيرته الدراسية.